إذا لم يسرع عباس للمصالحة الفتحاوية، أي المصالحة مع دحلان، سيكون قد إرتكب خطأ جسيمًا في حق فتح والتيار الوطني في فلسطين، وأصبح عليه شهود إدانة كُثر بعد أن قدموا له النصيحة تلو النصيحة، إذا لم يجمع الشمل الفتحاوي قبل الشروع في إجراء الانتخابات التشريعية، فهو في طريقه لتسليم السلطة ومنظمة التحرير لحماس بمباركة قطرية التي تدعم جماعة الإخوان.
باعتقادي هذا هو منطوق ما وصله من رسالتين سابقتين عربيتين قويتين لدولتين تحرصين على فلسطين وعلى منظمة التحرير قبل أن تهيمن عليها حماس.
الأقليم ، العرب، وروسيا الإتحادية صاحبة أقوى جهاز استخبارات في العالم والمنطقة، وهي تراقب الشأن الفلسطيني جيدًا، لديها أسرارها وتقديراتها بأن فتح بشكلها المنقسم لتيارات وقوائم غداة الانتخابات ستكون معرضة لهزيمة مؤكدة، كما يراها كل المحللين السياسيين، لكن، ماذا في جعبة موسكو لتتصرف بشكل يقلق مكانة رئيس حركة فتح وهي تجتمع رسميًا بقيادة التيار الاصلاحي؟؟!!
رسالة اجتماع موسكو بين نائب وزير الخاجية وقيادة التيار الإصلاحي ما هي إلا رسالة قوية موجهة للرئيس عباس، وأقوى مما سبتقها من رسائل عربي، وأكثر عملياتيًا، وبها إجراء إعترافي، قد يتطور لإجراء تمثيلي للتيار الإصلاحي في حركة فتح ، وتقديرًا لموقف النائب محمد دحلان والتيار الإصلاحي المُتحلين بالمسؤولية، والذين ما إنفكوا ليل نهار يطالبون بوحدة فتح.
تلك الرسالة المفاجئة لموسكو قد تنم عن تأكد الاستخبارات والخارجية الروسية بأن هناك ما يجري من تحت الطاولة من دول في الإقليم قد يكون الرئيس عباس مطلع عليها ويسهل لها خطواتها في إضعاف حركة فتح، ولذلك: إرتفعت وتيرة الضغط على الرئيس عباس لتعنته غير المبرر تجاه مصلحة عليا لوحدة حركة فتح، وما يزيد الشكوك في تصرفات الرئيس عباس، تلك الإجراءات الإقصائية لمنع الصف الأول والثاني من النزول في قائمة فتح في الانتخابات التشريعية القادمة، والتي تضعف حركة فتح أكثر، هذه الإجراءات الغريبة والمنفردة، ظاهرها منع بعض المنافسين لعباس مثل، مروان البرغوثي، وناصر القدوة، ولكن تبدو في باطنها مؤامرة وإنتقامًا من فتح ومن كل الوطنية الفلسطينية بتسليم الدفة لحماس، ولهذا سارعت روسيا بخطوتها نحو التيار الإصلاحي لتوجيه رسالة قوية، ستتلوها بالتأكيد خطوات من دول وقوى أخرى لها مواقفها، ولا تسمح بالتلاعب بمصير الحكم في فلسطين، وبأن المنطقة بها توازنات ومصالح لا يمكن التلاعب فيها، ولن تسمح روسيا والدول العربية بهزيمة فتح مركز التيار الوطني في فلسطين لتصبح القوى الإسلامية هي المهيمنة على منظمة التحرير.
لكل ما سبق من خطورة الوضع وتقديرات موسكو لأهمية التيار الأصلاحي في الخارطة السياسية الفلسطينية، وقوته الفتية المتصاعدة في الانتخابات القادمة، لإنقاذ التيار الوطني وحركة فتح، توجهت موسكو برسالتها القوية للرئيس عباس.
والسؤال هنا: لا أدري بالضبط ماذا سيفعل الرئيس عباس بعد زيارة وفد رفيع المستوى من قيادة التيار الإصلاحي في حركة فتح لموسكو؟ وهل فهم الفتحاويون رسالة روسيا؟ وهل فهمت فصائل منظمة التحرير رسالة روسيا؟
موسكو لا تتصرف ولا تتحرك بهذا الشكل وهي تعرف أن هذا الإجتماع سيحرج الرئيس عباس ولكن في تقديري أن هناك تقدير روسي لخطر استراتيجي تريد منعه.
وهكذا أصبح وضع عباس محرج داخليًا مع قيادات فتح ومحرج خارجيًا مع دول المنطقة ولذك مصير قيادته أصبح على حافة الهاوية...
ومازال سؤال عنوان المقال واجبًا، هل يسرع الرئيس للم الشمل الفتحاوي والمصالحة مع دحلان؟