- محمد مشارقة
إلغاء الانتخابات الفلسطينية أفضل ألف مرة من القائمة المشتركة مع حماس
الانتخابات لن تجدد النظام السياسي بل هي وصفة لتدميره
المشتركة مؤامرة كبرى على القضية الوطنية
بعد المشتركة، المشاركة في الانتخابات خطأ سياسي فادح
دون مقدمات: القائمة المشتركة بين فتح وحماس والفصائل المنتهية الصلاحية، هو تنفيذ دقيق وأمين للمشروع الإسرائيلي الجذري. لقد وقعت الساحة الفلسطينية بكليتها، نخبا سياسية ومثقفين وبعماء كامل في الفخ، وتصدر بعضنا المشهد بفرح البلهاء، أن المشتركة ستنهي الانقسام بين الضفة وغزة، أو أن حماس ستجبر على التخلي عن سلطتها وميليشياتها وامارتها لصالح حكومة وحدة وطنية، واكتفى البعض الفلسطيني على طريقة "قل كلمتك وامضي" وأراح ضميره بترداد، أن المشتركة هي تعزيز حلف الفاسدين وأصحاب المصالح الذي يحافظون على مصالحهم وامتيازاتهم.
تعالوا لندقق في اللعبة التي انطلت علينا وغرقنا في شبر مائها: تصدر إدارة بايدن ورقة سياسات (سبق أن ترجمت ونشرت ملخصا عنها في المركز الذي اديره " تقدم للسياسات في لندن) ، لا تعترض فيها على اشراك حركة حماس في النظام السياسي بشروط وافقت عليها دون تردد وساهم القطري والتركي في اقناعها بضرورة دخول النظام السياسي الفلسطيني دون شروط كي تنقذ نفسها مرحليا، وكلفت ورقة السياسات نصا، الأردن ومصر بأن يلعب كل منهما دورًا في تهيئة الظروف الفلسطينية للعودة لطاولة التفاوض مع إسرائيل. وإدخال حماس في هذا المغطس، كان ضروريا لتحييد رعاة الإرهاب والتطرف في الاقليم، ومعهم التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وسحب الورقة الفلسطينية والتفاوض مع إسرائيل من التداول، كما أن ذلك سيحيد العرب المعتدلين، وسيبرر لهم رفع اليد نهائيا من القضية الفلسطينية، وسبق أن حذروا الرئيس الفلسطيني (مدراء المخابرات المصرية والأردنية وزيارتهم لرام الله) من أن الانتخابات وبالقلم والورقة ستفضي إلى سيطرة حماس على النظام الفلسطيني في الضفة الغربية أيضا.
إدارة بايدن بسياستها المستجدة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عودة إلى النهج الاستشراقي الذي جرب في عهد الرئيس أوباما فيما عرف بتمكين الإسلام المدني من الحكم في الدول العربية لمواجهة التيارات الإسلامية الراديكالية، والذي ورث المنطقة دمارا وخرابا وحروبا أهلية مستمرة في سوريا وليبيا واليمن وتونس والعراق ونجت منه مصر بأعجوبة.
الصامت الأكبر على الهبل الفلسطيني وصاحب المصيدة الرئيس هو الإسرائيلي، الذي توفر له القائمة المشتركة بين فتح وحماس أربع سنوات، كافية لاستكمال مشروع الضم وخلق وقائع راسخة على الأرض تنهي حلم الدولة والاستقلال، أربع سنوات كافية للاستفراد بالفلسطينيين، ومنع التدخل الدولي والإقليمي، واطلاق حملة سياسية ودبلوماسية مكثفة، شعارها ان النظام الفلسطيني برمته صار إرهابيا، رافعته أن العديد من الدول بما فيها العربية تتعامل مع حماس كتنظيم إرهابي، فكيف تريدون لإسرائيل التعامل معها بغير ذلك وداخل البيت.
الخاسر الأكبر في هذه المغامرة هو القضية الوطنية الفلسطينية التي ستخرج من الاجندة الإقليمية والدولية، ويترك أمرها للإسرائيلي ليتصرف بها كحالة أمن قومي، والخاسر الثاني هو كل التيار الوطني والديمقراطي والمجتمع الفلسطيني، وفي مقدمة الخاسرين حركة فتح التي ستتفتت وتنقسم ولن تقوم لها قائمة في المدى المنظور.
أما الرابح الأكبر فهو صاحب الايديولوجيا التي تعتاش على الخراب وصاحبة نظرية أن فلسطين قضية تفصيلية في مشروع التمكين الإسلامي الأممي الكبير، وأن بإمكانها على الدوام إنهاء "صلح الحديبية " والعودة إلى الصراع المفتوح إلى يوم القيامة.
ليقل هواة السياسة ما يشاؤون، لكن الفلسطينيين يمضون عماة البصر والبصيرة السياسية، نحو المسار الوحيد الذي رسمه الإسرائيلي بكل ذكاء وعمق، فقد شجع وموَّل مقاومة حماس وإمارتها في غزة وأنهى وحدة الكيانية الفلسطينية بين غزة والضفة، وعندما كان القطري يتأخر في حقيبة الأموال الشهرية لحماس في غزة كانت طائرة قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي تحط في الدوحة وتنقل الأموال للحركة المقاومة إلى معبر ايريز. واليوم تنفذ ما يسمى بالنخبة الحاكمة البلهاء في رام الله المخطط الإسرائيلي بإدخال حماس دون تخليها عن إمارة غزة إلى النظام السياسي وحكومته المقبلة.
ألا بئس ما تفعلون.