الحل في جيب محمود عباس

راديو الشباب
وحدة فتح والتيار الوطني أو التعويم الشامل
تحبس الساحة الفلسطينية أنفاسها على وقع طلِق ولادة، عنوانه اجتماع قادة الفصائل في القاهرة مطلع فبراير القادم. تسأل المنشغلين بالانتخابات وغُرف العمليات التي شُكلت على عجل، عن تصوراتهم للبرامج والتحالفات والخارطة السياسية القادمة، فيأتيك الجواب متناغمًا " لا حديث في التفاصيل قبل اجتماع القاهرة “. يتساوى في الإجابة الواحدة، اليقينيون والمتشككون، من نشطاء المجتمع المدني إلى تيار مروان برغوثي ودحلان وجبريل وناصر القدوة وقيس عبد الكريم وخالد مشعل وسلام فياض.
في الواقع ، الجميع ، قدماء وجددًا ، ينتظرون حقيقة اتفاقات فتح حماس ، خاصة مع اعتراضات كبرى في المعسكرين المتخاصمين ، مع استمرار الرجوب في الحديث اليقيني إن الاتفاق من فوق بات أمرًا كان مفعولاً، وأن النظام الفلسطيني قد انتهى تركيبه ، بتوزيع مقاعد التشريعي ال 132 ، بواقع 60 لفتح و60 لحماس و12 مقعدًا توزعها فتح بمعرفتها على فصائل منظمة التحرير ، والرئاسة دون تنافس لعباس ، ولشخص الرجوب رئاسة التشريعي ، وتكرم حماس في تركيبة المجلس الوطني لمنظمة التحرير، ليقودها خالد مشعل ، بعد أن يزيد تمثيله في المجلس مع ال 60 مقعد التشريعي إلى 175 ، أي نصف قوام المجلس الوطني الذي أصبح 350 مقعدًا . بمعنى آخر، توافق فتح مسبقًا على تسليم جثة منظمة التحرير الهامدة لحركة حماس تتولى أيضًا بمعرفتها وعلاقاتها إعادة إحياءها.
نحن إذن أمام احتمالين: الأول، أن تيارًا مركزيًا في فتح يراهن على أن الانتخابات لن تتم وليست ضرورية، وأن الأفضل للجميع تجديد الشرعيات الفلسطينية والنظام السياسي عبر التوافق. ويراهن أصحاب هذا الطرح أن العالم سيشتري بضاعة أن حماس ستتغير جلدها وتقبل بناء على نصائح قطرية وتركية وروسية، بأن تتخلى عن سلاحها الميليشيوي للسلطة الفلسطينية الواحدة، وتعترف بإسرائيل وتقر جهارًا نهارًا بأن لا حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي خارج طاولة وآليات التفاوض.
الاحتمال الثاني: أن يكون هناك مخطط آخر، خارج التداول، ينفذه بوعي كامل الرئيس محمود عباس رئيس السلطة وفتح ومنظمة التحرير، يقوم على التعويم الكامل للمشهد الفلسطيني، وأن على الجميع، تحمل فوضاه والتغييرات التي ساهم في صنعها بيديه. كيف لا وهو آخر دهاقنة السياسة الفلسطينية. يدرك عباس جيدًا أن حماس لن تكتفي بقائمتها الخاصة أو المشتركة وأنها ستدعم قوائم أخرى مستقلة وترفدها بخلاياها النائمة في الضفة الغربية، يدرك أيضا أن حركة فتح لن تنضبط لقرار اللجنة المركزية، وأن ثلاثة من أعضائها عبروا عن نيتهم خوض الانتخابات بقوائم مستقلة عن الحركة، وهم مروان البرغوثي وناصر القدوة وتوفيق الطيراوي، ولا ينبغي إغفال تيار محمد دحلان الذي لن يكتفي أيضًا بالمناشدة الأخلاقية لتوحيد فتح ولا بالاعتماد فقط على قائمته الوطنية التي يتفاوض لتشكيلها وإنما سيدعم قوائم مستقلة أخرى. حتى اللحظة يمكن تعداد عشرة قوائم مستقلة خارج قائمة فتح حماس المشتركة أو المنفردة لكل منهما، فنسبة الحسم التي خفضت إلى واحد ونصف بالمئة والنسبية الكاملة، شجعت كل الطامحين لإعادة تشكيل النظام والحالة السياسية الفلسطينية التفكير بخوض المعركة.
العنصر الآخر في التعويم المقصود، يستند إلى قراءة الأرقام لتركيبة الكتلة الانتخابية واستطلاعات الراي المستقلة، والتي تشير أن تغييرًا كبيرًا طرأ على المجتمع، فنصفها تقريبًا من الشباب تحت عمر ثلاثين عامًا، حيث يصل عدد من يحق له الاقتراع يوم 22 مايو أيار إلى قرابة مليونين و800 ألف. والفئة الشابة المؤهلة للانتخاب والترشيح لم تشهد في حياتها انتخابات سياسية، وهم نتاج حالة التصحر والعقم السياسي والفساد وانسداد الآفاق، ولهذا يمكن الاستخلاص أن الشباب سيكون الحصان الأسود أو القنبلة الموقوتة، وأن مفاجآت كبرى تنتظر الفلسطينيين، سواء جرت الانتخابات أم عطلت لأي سبب، ولم تتمكن اللألاعيب القانونية ولا التدخلات الأمنية من إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء. الحاسم في تشكيل المشهد الفلسطيني القادم مع حالة الفوضى واللايقين، ربما بات خارجيًا، تأثيرًا وتمويلاً وهندسة.