توفيق أبو خوصة
توفيق أبو خوصة
نشر بتاريخ: 2021/01/17 ( آخر تحديث: 2021/01/17 الساعة: 00:44 )
توفيق أبو خوصة

راديو الشباب  

شعبنا الفلسطيني يقف اليوم أمام مُنعطف تاريخي و مصيري، وهو في طريقه لتجديد النظام السياسي ومؤسساته المختلفة عبر البوابة الديمقراطية ويستعد لخوض غمار المرحلة الأولى من العملية الإنتخابية لاختيار مُمثليه في المجلس التشريعي.

وقد إنطلق قطار العمل لتحقيق هذا الهدف بإعلان المراسيم الرئاسية بعد تأخير لمدة عشر سنوات، خلالها غابت وفقدت كل معالم الشرعية القانونية و الدستورية، إن تنفيذ المراحل المتعددة والمتتالية للعملية الإنتخابية تشكل إمتحانًا استراتيجيًا لكل مكونات الشعب الفلسطيني في الداخل و الخارج، غير أن حركة فتح التي تقود المشروع الوطني منذ55 عامًا، تقف على مفترق طرق هو الأخطر في تاريخها.

إذ ليس السؤال أن فتح سوف تخسر أم لا، بل ما هو حجم الخسارة التي ستتكبدها والتي تمثل ترسيخًا لنتائج حزيران الأسود 2007 بكل تجلياتها، وهذا ممكن تغليفه بجملة من الشعارات الوطنية، وبداية التأسيس لمرحلة جديدة تقوم على مبدأ الشراكة الكاملة مع الفسيفساء السياسية في الساحة الفلسطينية، لكن هذه البداية الافتراضية ونتائجها المتوقعة بحكم ما جرى تحت الجسر من مياه، تحتاج إلى فتح واحدة موحدة حتى لا تفقد توازنها وتقع في هاوية بلا قرار.

حيث أن الحركة ليست في أفضل ظروفها بل هي الأسوأ منذ إنطلاقتها "1965"، وهي في أمسّ الحاجة والضرورة من أجل إستعادة وحدتها وإسترداد روحها الكفاحية وعنفوانها الثوري وإعلاء مصلحة الحركة على ما عداها من الحسابات الشخصية والكيدية، وغير ذلك سوف يقودها الحقد الأسود والحسابات الخاطئة إلى الضياع، وهنا فإن الرهان معقود على كل الفتحاويين في إنقاذ حركتهم والمشروع الوطني برمته والحفاظ على دورها الطليعي في مسيرة النضال الوطني.

إن حالة الشتات والتشرذم في صفوف الحركة لا يمكن سترها والتغطية عليها ببعض الشعارات والتصريحات المأزومة، بل تحتاج إلى مراجعة جدية وشاملة وسريعة تعيد ترتيب صفوف الحركة من جديد، على أسس من الشفافية والعدالة وإستيعاب حالة الإختلاف والتباين في المواقف وتوظيفها لمصلحة الحركة ووحدتها وتعظيم صلابة الجبهة الداخلية وتعزيزها بكل الطاقات الفتحاوية، لأن معركة الإنتخابات التي تؤسس للنظام السياسي الفلسطيني، تحتاج كل إمكانيات الحركة وتجنيدها لتحقيق أفضل النتائج المطلوبة في صندوق الإقتراع، كونها تشكل العامل الأساس في بنية و صياغة النظام السياسي مستقبلًا.

من هنا فإن منطق الإستعصاء و الإستعداء والإستعلاء، الذي يحكم قيادة فتح الرسمية في التعاطي مع الحالة الفتحاوية القائمة بمفرداتها المتشظية نتيجته الطبيعية كارثة لا تبقي ولا تذر، هنا على الفتحاويين كل الفتحاويين حقيقة الضغط من أجل إنجاز وحدة الحركة قبل فوات الأوان، لا تبحثوا عن شماعة لتعليق سوء النوايا والأفعال عليها مسبقًا والتمهيد لتقبل الكارثة القادمة.

كما أن خيار التحالف مع حماس في قائمة واحدة لضمان شرعنة الفاسدين والوجوه الكالحة في المجلس التشريعي القادم في نظر كل ذي عقل وبصيرة، وصفة مضمونة للهلاك المحتم، قواعد وأطر حركة فتح وجماهيرها يجب أن تأخذ قرارها و تمارس دورها و تكون شريكة في الخيار وإختيار مرشحيها على أسس ومعايير واضحة وشفافة من المصداقية والكفاءة والسمعة الحسنة والقُدرة على تمثيلها بالشكل الأنسب ، لأن هذا ما تستحقه فلسطين من حركة فتح.

وهنا فإن كامل المسؤولية التاريخية تقع على عاتق الرئيس أبو مازن، ولا ينظر أحد إلى الجوقة المحيطة به من الإنتهازيين والعجزة والفاشلين، الذين لا يروق لهم إنجاز الوحدة الوطنية أو الإقتراب من إستعادة الوحدة الفتحاوية، لأنها تتعارض مع مصالحهم وتكشف عوراتهم و تقرب من نهاياتهم التعيسة، قوة فتح و هيبتها في وحدتها، لا تبحثوا عنها في مكان آخر .

الكلمات الدلالية