مؤسسات حقوقية: قرارات الرئيس الأخيرة تنسف جهود إصلاح القضاء

قال الائتلاف الأهلي لإصلاح القضاء وحمايته، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" إنهما تفاجئان بصدور ثلاثة قرارات بقوانين تعنى بتنظيم وإعادة تشكيل السلطة القضائية، وهي القرار بقانون رقم (40) لسنة 2020 بشأن تعديل قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002، والقرار بقانون رقم (39) لسنة 2020 بشأن تشكيل المحاكم النظامية، والقرار بقانون رقم (41) لسنة 2020 بشأن المحاكم الإدارية، ونشرهم يوم الاثنين الماضي في العدد الممتاز من الوقائع الفلسطينية رقم (22)، على أن يتم العمل بها من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية.
وأضاف الائتلاف والهيئة في بيان صحفي صادر عنها وصل موقع راديو الشباب أنه لم تتح الفرصة لمؤسسات المجتمع والشركاء مثل نقابة المحامين، نقاش هذه القرارات قبل نشرها في الجريدة الرسمية ودخولها حيز التطبيق، في استمرار لنهج إصدار قرارات بقانون في ظل استمرار غياب المجلس التشريعي.
واعتبرت الائتلاف والهيئة المستقلة، أن هذه القرارات تنسف أي جهد لإصلاح القضاء وتجعله تابعاً للسلطة التنفيذية، مؤكدين رافض المساس بقانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002 و/ أو إصدار تشريعات جديدة بمسمى قرارات بقانون أو غيرها لتنظيم شؤون القضاء.
وأشار البيان إلى أنهما خاطبا الرئيس، ورئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي، مضيفا "دعونا من خلالها إلى عدم تعديل قانون السلطة القضائية أو إصدار قوانين جديدة لتنظيم شؤون القضاء، وكان آخر هذه الدعوات صدرت بتاريخ 31/12/2020 حيث توجهنا في الائتلاف بخطاب إلى السيد الرئيس لتذكيره بموقفنا الرافض تعديل قانون السلطة القضائية".
ولفت إلى أن القرار بقانون المعدل لقانون السلطة القضائية، والقوانين الجديدة بشأن تشكيل المحاكم النظامية والمحاكم الإدارية، انطوت على نصوص تشريعية من شأنها المساس بشكل جوهري باستقلال القاضي الفرد، وجردت القضاة من أهم ضمانات استقلالهم، لا سيما إهدارها لمبدأ عدم قابليتهم للعزل، والذي أحاطهم به القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته، وقانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002، كي يطلعوا بمسؤولياتهم الدستورية في حماية حقوق الإنسان وصون حرياته.
وأضاف أن القضاء هو ملاذ الأفراد الأخير في مواجهة السلطات العامة، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان القضاة مستقلين، ولا يتحقق ذلك إلا بتوفير ضمانات تحميهم من أن يعزلوا بدون مبررات قانونية مشروعة ووفق ضمانات إجرائية وموضوعية واضحة، وهو ما أهدره القرار بقانون المعدل لقانون السلطة القضائية، حيث إنه سمح بعزل القضاة وإحالتهم للتقاعد أو الاستيداع، بموجب إجراءات لا توفر ضمانات كافية ضد التعسف في استخدام السلطة من قبل المجالس القضائية.
وشدد على أن هذه القرارات بقوانين تضمنت من الأحكام ما يحمل الموازنة العامة أعباء مالية إضافية من أموال دافعي الضرائب، هي في غنى عنها الآن، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. كما أنها تؤسس لقضاء إداري غير مستقل، وتابع للسلطة التنفيذية على نحو يهدد حقوق الأفراد وحرياتهم، ويظهر ذلك بشكل جلي في انفراد رئيس الدولة في أول تعيين لرئيس ونائب رئيس المحكمة الإدارية وقضاتها، وانفراده في تعيين نائب رئيس المحكمة الإدارية العليا وقضاتها، على نحو يذكرنا بتشكيل المحكمة الدستورية العليا قبل 4 سنوات والتي أثار أداؤها شكوكاً كبيرة حول استقلالها.
وعبر الائتلاف من أن يشكل إصدار هذه القرارات بقوانين في هذا التوقيت بالذات، والذي يتم فيه الحديث عن قرب إجراء الانتخابات العامة لأول مرة منذ خمسة عشر عاماً، عرقلة حقيقية للحوار الوطني الفلسطيني وتعكير للأجواء الإيجابية في هذا السياق على نحو قد يتعطل معه هذا الاستحقاق الشعبي والوطني والدستوري.
وطالبت المؤسستان الحقوقيتان بالإلغاء الفوري للقرارات بقوانين الثلاثة ووقف جميع آثارها، وأن يكون أي تعديل على قانون السلطة القضائية أو إصدار أي قوانين جديدة تعنى بتنظيم شؤون القضاء من صلاحية المجلس التشريعي المنتخب ووفقاً للإجراءات المقررة في القانون الأساسي.
ودعت إلى تشكيل مجلس قضاء أعلى دائم وفقاً لنصوص قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002 ساري المفعول، على ألا يكون في هذا المجلس أي عضو من أعضاء مجلس القضاء الأعلى الانتقالي، باستثناء من نص قانون السلطة القضائية لسنة 2002 على عضويتهم فيه بصفاتهم الوظيفية.
وطالبت الفصائل والقوى السياسة ونقابة المحامين باتخاذ موقف واضح وصريح يرفض هذه القرارات بقوانين، وتوفير جميع الأجواء الإيجابية لإجراءات الانتخابات العامة، مؤكدة على ضرورة تنفيذ هذه المطالب، ومعبرة عن "خيبة أملنا من موقف رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي من القرار بقانون المعدل لقانون السلطة القضائية والقرارات بقوانين الأخرى".