باحثون.. قطاع غزة لن يشهد تحسن اقتصادي حتى نهاية العام

راديو الشباب غزة - أمل بريكة - راديو الشباب
بعد قضائه أكثر من 8 ساعات من عمله اليومي وهو يتجول بمركبته الأجرة التي لا يمتلكها بل هي ملكٌ لآخر يتقاسم معه الأجرة نهاية اليوم، بين الشوارع العامة باحثا عن الركاب، يعود ماجد زنون البالغ من العمر (50 عاما) وليس بجعبته ما يسد به جوع أطفاله.
زنون متزوج من سيدتين ولديه 15 من الأبناء، يعيشون في ظل ظروف اقتصادية سيئة، خاصة بعد أن طرأ تغيير على وضعه الوظيفي وخسر وظيفته الحكومية ليلجأ إلى السواقة كمهنة.
سوء وضعه الاقتصادي لم يقف حائلا أمام تعليم أبنائه في المدارس ووصولهم للمرحلة الجامعية، لينهي ستة منهم تعليمهم الجامعي بتفوق، حتى وقف بهم الحال ليصطفوا في طابور الخريجين دون أن يحصلوا على وظيفة أو حتى فرصة عمل مؤقتة من شأنها أن تسهم في تحسين ظروفهم المعيشية.
يقول زنون بصوت مخنوق: "كثيرة هي المرات التي تجمعت فيها عائلتي دون أن تجد ما تأكله"، فهو لا يستطيع أن يوفر أبسط احتياجات أسرته الأساسية لضيق الحال وقلة العمل، حيثُ أن إعلان حالة الطوارئ وتطبيق الإجراءات الاحترازية بسبب انتشار جائحة كورونا في قطاع غزة، أثرت على عمال المياومة الذين يعتاشون على قوت عملهم اليومي الذي توقف؛ بسبب الجائحة ناهيك عن تردي الأوضاع المعيشية بشكلٍ عام، حيثُ يعيش القطاع حالة من التوتر والقلق بسبب وضعه الاقتصادي المتدني، الذي ينعكس بصورة سلبية على الأسر الذي تعيش ظروفا اقتصادية غير آمنة..
أوضاع خطيرة
في حين عبر المحامي في مركز الميزان لحقوق الانسان يحيى محارب، عن قلقه بعد تدهور الأوضاع المعيشية في قطاع غزة، موضحا بأن المركز يراقب ويتابع الوضع الاقتصادي في القطاع، ويعتبر أن الاحتلال هو السبب الرئيس في ارتفاع نسب الفقر في ظل ما يفرضه من حصار مستمر.
وأوضح محارب بأن سياسات الاحتلال شكلت جملة من الانتهاكات التي تتمثل في الإغلاق المتكرر للمعابر، وخاصة التجارية أمام التجار وأصحاب المنشآت والمصانع، ناهيك عن تجريف آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية في المناطق الحدودية الشرقية بشكل متعمد وإطلاق نيران رشاشاتها الثقيلة مباشرة على الصيادين، ما أثر سلبا على مصدر رزقهم وقوت يومهم.
وأشار محارب إلى أن الانقسام الفلسطيني الداخلي وتبعاته كان عاملا أساسيا في ارتفاع نسب الفقر بعد الاحتلال وما يفرضه من انتهاكات صارخة لحقوق الانسان، منوها إلى أن تقليص الوظائف في ظل تكدس عدد الخريجين وتدني الأجور والحصار جميعها ساعدت من ازدياد نسب الفقر والجرائم معا.
وقال محارب بإن هناك تمييزا واضحا بين مستوى دخل الانسان الفلسطيني في الأراضي المحتلة ومستوى دخل الانسان في دولة الاحتلال الذي يعيش في مستوى عالٍ من الرفاهية، تلك الفروقات تعتبر مسبب رئيسي في ارتفاع نسب الفقر.
وأضاف محارب بأنه يمكن تحسين الأوضاع المعيشية في غزة، من خلال إحداث ضغط دولي وإقليمي على الاحتلال للسماح بتوريد البضائع وتصديرها للخارج في ظل تعنته، والسماح للصيادين بالصيد في مساحة 20 ميل كما هي في اتفاق أوسلو، وعدم التعرض للمزارعين في المناطق الحدودية ما يدفع ذلك بعجلة الاقتصاد، وعلى الجانب الفلسطيني تحقيق مصالحة وتوحيد الحكومتين في حكومة واحدة قادرة على دمج الموظفين واعطاءهم حقوقهم.
تدهور مستمر
وقال الباحث الاقتصادي د.ماجد أبو دية، بأنه في اليوم العالمي للفقر الذي يصادف 17 أكتوبر من كل عام، تستعرض الحكومات إنجازاتها في إطار مكافحة الفقر، ويشيد البنك الدولي من خلال تقريره السنوي بدور تلك الحكومات التي حققت انخفاضا في نسب الفقر في بلدانها، ولكن على صعيد فلسطين وقطاع غزة على وجه الخصوص جاء الأمر معاكس بسبب جائحة كورونا وما أحدثته من آثار اقتصادية متدنية أسهمت في ازدياد معدلات الفقر والبطالة.
وأضاف أن السيناريو المتوقع أن قطاع غزة لن يشهد تحسنا على الوضع الاقتصادي حتى نهاية العام، رغم أن حكومة غزة ذهبت باتجاه تخفيف الإجراءات والقيود لخلق حالة من التوازن ما بين استمرار الأنشطة الاقتصادية واستمرار الحياة الآدمية، إلا أن مستويات الفقر باتت مقلقة.
وبالعودة إلى الأرقام والإحصائيات أوضح أبو دية بأن 350 ألف عامل على مستوى فلسطين من بينهم 120 ألف عامل من قطاع غزة فقدوا أعمالهم؛ نتيجة لتعطل العديد من المنشآت الاقتصادية التي كانوا يعملوا بها بسبب كورونا، وأن معدلات الفقر والبطالة تجاوزت النصف، وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني فإن 43% من الأسر دخلها تراجع وتحولوا لفقراء، وهذا ما أكدته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي قالت في تقاريرها إن ما يقارب 80% من الفلسطينيين يعتمدون على المساعدات.
وأكد أبو دية بأننا بحاجة إلى إنقاذ العائلات التي تعاني من الفقر والفقر المدقع، حيث تجاوزت نسبة الفقر المدقع في قطاع غزة 31%، وأن الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي تجاوزت 73%، وبالتالي نحن أمام نسب في غاية الخطورة وبحاجة لخطة إنقاذ كبيرة جدا لعودة الوضع الاقتصادي إلى ما قبل شهر مارس من هذا العام.
وبحسب إحصائية صدرت عن وزارة التنمية الاجتماعية عام 2019 فنسبة الفقر والبطالة في قطاع غزة وصلت لما يقارب 75%.