ما بعد رسالة حماس
تحليل: هل سيتحقق الأمل المنشود في إجراء الانتخابات؟

راديو الشباب - سوار أبو قمر – مجدي اسليم
يشكل ملف المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام هاجساً لطالما تمنى جميع أبناء الشعب الفلسطيني الخلاص منه، والسير تحت راية واحدة توجه بوصلتها فقط نحو العدو "الإسرائيلي" ، حيث جرت العديد من الاتفاقات التي سعت بكل ما تملك على إتمام مشروع المصالحة، ولكن تنتهي جميع المحاولات بالفشل دون التوصل إلى اتفاق موحد ومرضي لجميع الأطراف.
وفي محاولة لإجراء مباحثات جديدة للمصالحة، سبق أن تمكنت حركتي فتح وحماس من المشاورات التي استضافتها القاهرة واسطنبول أواخر سبتمبر الماضي، من إحراز تقدم ملموس في سبيل إنهاء الانقسام بما يشمل اتفاقا على إجراء انتخابات عامة خلال 6 أشهر، الأمر الذي يفتح الباب مجددًا أمام مصالحة قد تكون تاريخية.
انتخابات على قاعدة التوالي
المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس طاهر النونو، صرح عبر وسائل إعلام محلية بأن رئيس المكتب إسماعيل هنية تلقى رسالة خطية من رئيس السلطة محمود عباس، يرحب فيها بمضمون ما ورد في رسالة هنية قبل أيام، مشيرًا أنها تشكل أرضية عمل مشتركة للانطلاق باتجاه بناء الشراكة وإنهاء الانقسام، وتجسيد وحدة الوطن والشعب والقيادة من خلال عملية ديمقراطية حرة ونزيهة.
وقال النونو: "إن الرئيس عباس أكد التزامه والتزام حركة فتح ببناء الشراكة وتحقيق الوحدة باعتبارها هدفا استراتيجيا، معتبرا الحوار الوطني هو الطريق لتجسيد ذلك".
وأشار النونو في تصريحه، إلى أن هنية قد أكد في رسالته لأبو مازن على إجراء انتخابات المجلس الوطني والمجلس التشريعي والرئاسة على قاعدة التوالي والترابط في مدة أقصاها 6 أشهر، لافتا أن هنية أعطى توجيهاته باستكمال الحوار عبر نائبه صالح العاروري للتواصل مع حركة فتح والفصائل كافة.
تفاؤل حذر
من جانبه، أوضح القيادي في حركة فتح، عبد الله عبد الله في حديثه لـ"راديو الشباب"، أن الجديد في هذه الرسالة أنها استجابت لكل متطلبات إنهاء الانقسام والشراكة الوطنية والمصالحة التي جرى التوافق عليها في اسطنبول.
وبشأن إجراءات تنفيذ الانتخابات، أشار عبد الله إلى أن التفاصيل متروكة للحوار الوطني الذي سيعقب إصدار المرسوم الرئاسي للانتخابات وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية المنبثقة عن صناديق الاقتراع، مؤكدا أن الانتخابات لن تستثني أي فصيل فلسطيني.
وأعرب عن تفاؤله من رغبة الطرفين في إنهاء الانقسام للتفرغ لمواجهة كل الأخطار التي تحدق في القضية الفلسطينية والمشروع الوطني.
من جهته، أكد عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، وليد العوض، ترحيبه بموافقة حركة حماس على إجراء الانتخابات بالتوالي؛ متمنيا أن يسهم موقفها في بناء خارطة طريق نحو إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية.
وحذّر العوض من أي عقبات جديدة قد تعطل مسار الانتخابات وتعيد المشهد الفلسطيني لنقطة البداية الأمر الذي سيترتب عليه عواقب وخيمة.
منعطفات خطيرة وتحركات جادة
بدوره، يرى القيادي في تيار الإصلاح الديمقراطي نبيل الكتري، أن التطورات الإقليمية الأخيرة والتقارب العربي، وسياسة التراجع التي طالت السياسة القطرية التركية في المنطقة جعلت قيادة حركة حماس بأن تعيد وجهة نظرها تجاه ملف الانقسام بما يساهم بالحفاظ على بقائها السياسي في ظل هجمة تمارسها الإرادة الأمريكية و"إسرائيل".
وأضاف الكتري لـ"راديو الشباب"، كذلك الموقف مع السلطة الفلسطينية التي تمر بمنعطفات خطيرة ما دفعها للمضي قدما نحو مباحثات جادة مع حركة حماس لإتمام الانتخابات.
وأشار إلى أن موقف الطرفين له مصوغات سياسية ضمن تطورات المنطقة العربية، لكن الأهم أن تكون تلك التحركات الجادة مرهونة بمرسوم رئاسي واضح حول آلية إتمام الانتخابات في ظل المعيقات الإسرائيلية والجغرافية على الأرض.
دلالات التوقيت
المحلل السياسي طلال أبو عوكل يرى أن فوز المرشح الديمقراطي "جو بايدن" بانتخابات الرئاسة الأمريكية أعطى إشارات حول إمكانية إعادة النشاط في ملف المفاوضات على أساس حل الدولتين، الأمر الذي يتطلب وحدة في النظام السياسي وتجديد الشرعيات.
واعتبر أبو عوكل في حديثه لـ"راديو الشباب"، أن حركة حماس على الرغم من موقفها المعارض للمفاوضات إلا أنها لا تريد أن تحمل نفسها مسؤولية تعطيل مسار الحوار الفلسطيني من أجل المصالحة ولا تريد أن تكون خارج إطار انتخابات مفترض أنها تمنح الشرعية للكل وتشكل بداية للشراكة السياسية والاندماج في النظام السياسي.
وشدد على أن الانتخابات هي المخرج الحقيقي لهذه الأزمة والتي ستزيل الحجر الأصعب في مسار التقارب الفلسطيني.
الرئيس عباس يستجيب لرسالة حماس بشأن المصالحة وإجراء الانتخابات
يذكر أن الرئيس محمود عباس وافق على مضمون رسالة خطية، تسلمها من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، تتضمن إنهاء الانقسام وبناء الشراكة وتحقيق الوحدة الوطنية، حيث أعطى أبو مازن توجيهاته لجبريل الرجوب، بإبلاغ حماس على ترحيبه بما جاء في نص الرسالة، وتأكيده على التزام حركة فتح بمسار بناء الشراكة والوحدة الوطنية.
هنية: "المصالحة هدف سام وننتظر لحظة إعلانها باتفاق فلسطيني شامل"
وكان رئيس المكتب السياسي لـحركة حماس، إسماعيل هنية، قد أكد خلال مؤتمر صحفي مساء أمس الأحد، موافقة حركته على إجراء الانتخابات وإنهاء الإنقسام، والوصول إلى مجلس تشريعي موحد وحكومة موحدة وبرنامج وطني مشترك.
فهل ستحمل الخطوات المقبلة في طياتها جدية الأطراف المتصارعة في تسوية الخلافات أم كعاداتها السابقة؟؟