المرأة الفلسطينية.. أيقونة عطاء في تاريخ النضال الفلسطيني

راديو الشباب -خاص- نور عليان
حينما ننظر لصفحات التاريخ، حتمًا سنجدها متلألأة بالسطور المُوثقة لنضال الحركة النسوية في جميع بقاع الأراضي التي عانت من الاحتلال والاستعمار، فالمرأة الفلسطينية حاولت ثم قاومت لجعل دورها ليس مُقتصرًا فقط على الأدوار النمطية التي التصقت بها، بل استطاعت أن تصل إلى ما هو أبعد من ذلك.
ومن هنا بدأ مفهوم النضال النسوي يتجلى ويتضح وينمو منذ انطلاق الثورة الفلسطينية وفي كل المحطات النضالية في تاريخ النضال الفلسطيني جنبًا إلى جنب مع الرجل فكانت المرأة الفتحاوية الأم والأخت ورفيقة النضال حتى تقدمت الصفوف في المواجهة المباشرة مع الاحتلال فارتقت شهيدة ووقعت تحت الأسر، ولم تيأس أو تتراجع فواصلت عملها النضال في سياق حركة فتح أو فصائل العمل الوطني الأخرى.
ثم دخلت غمار العمل السياسي فنافست الرئيس ياسر عرفات على مقعد رئاسة السلطة، ودخلت البرلمان وتصدرت مشاهد الأحزاب الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، لتصبح المرأة الفلسطينية شريكًا أساسيًا وأصيلاً في بناء المجتمع، وتحقيق نهضته ورسم ملامح المستقبل لكل أبنائه.
ومنذ بداية تأسيس حركة فتح وانطلاقتها عام 65 منحت القيادة الأولى للثورة الفلسطينية بقيادة الشهيد ياسر عرفات اهتمامًا كبيرًا بالمرأة، واتخذت خطوات لتفعيل الدور النسوي في المواجهة بكل أشكالها تحتضنها وتدفعها وتدعمها حتى سجلت تاريخها ومواقفها في قائمة شرف النضال الفلسطيني ومسيرة كفاحه المسلح.
فكانت الثائرة المندفعة تجاه النصر أو الشهادة، ومن أبرز هذه المحطات التي لن ينساها التاريخ ولن يسهو عنها أبدًا بصمات "عروس يافا" دلال المغربي، التي أقامت الجمهورية الفلسطينية كما وصفها شاعر دمشق "نزار قباني" حينما قادت عملية خطف حافلة جنود الاحتلال في عملية الساحل الشهيرة عام 1978بإشراف وتوجيه مباشر من عضو اللجنة المركزية المؤسس الشهيد خليل الوزير.
وفي سن العشرين اختيرت دلال رئيسة لفرقة دير ياسين المكونة من 12 فدائيًا، للقيام بعملية خطط أبو جهاد، وتقضي بالسيطرة على حافلة عسكرية إسرائيلية والتوجه إلى تل أبيب لمهاجمة مبنى الكنيست للضغط على الاحتلال لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.
وتسللت مع فرقتها يوم 11 مارس/آذار 1978 من الأراضي اللبنانية، ونزلت المجموعة من الباخرة، وتمكنوا من الاستيلاء على عدد من السيارات كان آخرها سيارة ركاب كبيرة اتجهوا بها مع رهائن كثر نحو تل أبيب.
وقالت دلال للرهائن "نحن لا نريد قتلكم، أنتم رهائن لدينا لنخلص إخواننا المعتقلين في سجون دولتكم المزعومة من براثن الأسر". ثم أخرجت من حقيبتها علم فلسطين وعلقته داخل الحافلة وهي تردد "بلادي بلادي لك حبي وفؤادي".
كما قدمت الثورة الفلسطينية دورًا جليلاً لأول امرأة فلسطينية انضمت للثورة الفلسطينية وأول أسيرة فلسطينية "فاطمة البرناوي"، التي أسست فيما بعد الشرطة النسائية الفلسطينية، وتقدمت صفوف العمل المجتمعي من خلال رعايتها لمؤسسات المجتمع المدني والشبابي في الأرض الفلسطينية.
اعتقلت في تشرين أول /أكتوبر عام 1967 بعد وضعها قنبلة في سينما صهيون في مدينة القدس، وحكم عليها آنذاك بالسجن المؤبد "مدى الحياة"، لكنها لم تمضِ في الأسر سوى عشر سنوات ونصف، حيث أطلق سراحها في الحادي عشر من تشرين ثاني / نوفمبر عام 1977، ولكنها أبعدت إلى خارج الوطن لتواصل نضالها ضمن صفوف حركة فتح وقواتها المسلحة، وتزوجت الأسير المحرر فوزي نمر.
ولم تأت هذه المساحة الكبيرة، من مشاركة المرأة الفلسطينية في هرم النضال الفلسطيني من فراغ، أو من قبيل الصدفة.
فقد كان لمؤسسي الثورة الفلسطينية وحركة فتح، وعلى رأسهم الشهيد ياسر عرفات اهتمام واضح وإصرار متزايد على إشغال هذا الدور النضالي بالمرأة التي أثبتت لهم ولجميع صفحات التاريخ أنها قادرة على مواصلة سلك النضال دون خضوع أو تراجع عنيد تواجه الرياح العاتية والعواصف المتتالية.
ورغم تعاقب ومرور السنوات بقي هذا الدور البارز للحركة النسوية يزداد وميضه وكثافته مع الأيام رغم كل ما تمر به القضية الفلسطينية من تردي وتراجع وانقسام.