بلدية مخيم البريج.. بين أنياب كورونا وسيناريوهات الإغلاق الشامل على قطاع غزة

خاص - محمد اللوح - راديو الشباب
يعيش سكان قطاع غزة هذه الأيام في أزمة شديدة؛ بسبب تفشي فيروس كورونا، بعد أن كان القطاع في منأى عن مخاطر انتشاره لشهور عديدة، وتأتي التخوفات من انتشار كورونا، بعد إعلان وزارة الصحة تسجيلها أعدادًا كبيرة من الوفيات والإصابات بالفيروس خلال الأسابيع والأيام الأخيرة.
ومع الازدياد الملحوظ في حالات الإصابة بالفيروس خارج مراكز الحجر الصحي، وتفشي الوباء في المجتمع الغزي بالوقت الذي يعاني به السكان من مشكلاتٍ اقتصادية متعددة وسوء أوضاعهم المعيشية من جانبٍ آخر، بما فيها استمرار الحصار الإسرائيلي الخانق وانقطاع التيار الكهربائي وتوقف عمل بلديات القطاع عن تقديم خدماتها للمواطنين، وشبه انهيارٍ تام للمنظومة الصحية وعدم قدرة مشافي القطاع استيعاب المزيد من الإصابات بسبب النقص في الأجهزة والإمكانات.
سلّط موقع راديو الشباب الضوء في تقريره على عمل البلديات ومنها بلدية مخيم البريج وأوضاع المواطنين في ثاني أيام فرض حظر التجوال على مختلف مناطق القطاع.
عمل البلدية
منذ تفشي فيروس كورونا داخل المجتمع، قامت الجهات المختصة بغزة بفرض إجراءات مُشددة على عمل الأسواق الشعبية في المخيمات، ومنها تشكيل لجان طوارئ لمتابعة سير الخطة الحكومية للحد من تفشي الوباء.
وأكد رئيس بلدية مخيم البريج المهندس أيمن الدويك في حوار خاص مع مراسل موقع راديو الشباب فى المحافظة الوسطي قيام بلديته بتشكيل لجان مختلفة؛ لمتابعة أوضاع المواطنين داخل المخيم في ظل استمرار تطبيق حظر التجوال لليوم الثاني على التوالي.
وقال الدويك في حديثه: "إن البلدية ومنذ لحظة إعلان حالة الطوارئ، شكلت لجان مختلفة لمتابعة أوضاع المواطنين في المخيم، وهذه اللجان مكونة من لجان عمل المياه والنظافة وشبكات الصرف الصحي ويعملون على مدار الساعة لمتابعة الوضع وتوفير الاحتياجات اللازمة للسكان".
وأضاف أن هناك التزام كبير من المواطنين في اليوم الأول لتطبيق قرار حظر التجوال مع استمرار إغلاق المحال التجارية، وتوقف تام لحركة المواطنين،مشيرًا إلى وجود بعض التجاوزات الفردية غير الملتزمة بقرار حظر التجوال، ولكن بالمُجمل الجميع ملتزم بالقرار.
وأوضح الدويك أن بلدية البريج قامت بتخصيص خط اتصال مباشر لاستقبال شكاوي المواطنين من أجل التعامل معها، ولجان الطوارئ على تواصل دائم مع جميع أهالي المخيم، ويستقبلوا أي شكوى على الخطوط المُخصصة، منوهًا إلى أن البلدية على استعداد كامل للتعامل مع أي شكوى واردة من أهالي المخيم، وأي شخص لديه حالة طارئة سيتم التعامل معها على الفور.
احساس بالمسؤولية
الوباء ينتشر "كالنار في الهشيم"، وكان لابد من وجود حالة من الوعي الكافي والإحساس بالمسؤولية من المواطنين للحد من نقل العدوى، وقال الدويك: "إن هناك إحساس كبير بالمسؤولية من المواطنين بالمخيم، ونحن راضيين عن هذا الإلتزام الهادف للحد من تفشي كورونا، وما زالت المحال التجارية مُغلقة بشكلٍ كامل لليوم الثاني على التوالي، إضافة لتوقف حركة المواطنين والجميع ملتزم بقرار وزارتي الداخلية والصحة".
ونوه إلى أن لجنة طوارئ المخيم منعقدة على مدار الساعة وتتابع كل حالات الأُسر المحجورة حيث تم تزويدهم بالطرود الغذائية والمساعدات سواء كانت مساعدات تشمل سلات خضار، أو مواد تعقيم، أو احتياجات فردية، وتسعى البلدية للاستجابة لها بما تستطيع.
وأشار الدويك إلى أن لجنة الطوارئ في البريج ومنذ اللحظة الأولى لاكتشاف فيروس كورونا داخل مخيم المغازي في أواخر أغسطس الماضي، كانت هناك متابعة حثيثة من خلال فرق الميدان ومتابعة الطواقم العاملة في البلدية لتطبيق إجراءات السلامة والوقاية وهذا الأمر قلل من عدد الإصابات في المخيم.
إغلاق السوق الشعبي
يُثير تفشي الفيروس بالقطاع حالة من الجدل في أوساط المواطنين لاسيما منهم العاملين بالأسواق الشعبية أو حتى المياومة، ومنعًا لزيادة الإصابات نتيجة الاختلاط داخل الأسواق قال الدويك: "نحن البلدية الوحيدة التي لم تسمح بفتح سوق الخميس الشعبي الأسبوعي، وهذا قلل من نسبة الاختلاط وتقليل أعداد المصابين بكورونا".
وأضاف أن فرق البلدية قامت بعمل حملات توعوية وتثقيفية للمواطنين من أجل الالتزام بالإجراءات والإرشادات الوقائية من خلال توعيتهم بارتداء الكمامة، والحفاظ على التباعد الجسدي، في ظل تفشي كورونا، حيث ساهمت الإجراءات بتقليل عدد المصابين، وفرق الطوارئ بالمخيم ما زالت تتابع الميدان وأوضاع المواطنين في ظل سريان حظر التجول.
ضائقة مالية
بلدية البريج ليست بمنأى عن باقي بلديات القطاع، فهي أيضًا تعاني من ضائقة وأزمة مالية خانقة في ظل شُح الموارد؛ نتيجة الإغلاقات التي تعرضت لها البلديات خلال الفترة الماضية بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية في غزة والذي أثر بالسلب على الدخل والعائد المالي؛ مما ألقى بظلاله على عمل البلديات في تقديم خدماتها للمواطنين بشكل ملموس.
وأكد الدويك على أن قلة العائد المالي دفعهم لتأخير رواتب موظفي البلدية وهذا الأمر كان على حسابهم وقوت أطفالهم وكل ذلك من أجل تقديم الخدمات لأبناء المخيم؛ مما اضطرهم لتعزيز خدمات البلدية على حساب الموظفين ورواتبهم، ونولى اهتمام كبير لتقديم كل الخدمات لأهالي المخيم على حساب الموظف، سواء كان الأمر بتأخير الراتب أو تقليل نسبة الصرف، من أجل تعزيز دور البلدية وعملها على أرض الواقع -وفق تعبيره-.
خطة طوارئ
استعدادٌ لأي سيناريو قادم قامت البلدية بوضع خطة طوارئ للتعامل مع سيناريو الإغلاق الشامل للقطاع، وتتمثل في استمرار ضخ المياه للشبكات على مدار الساعة، وتوفير السولار اللازم لتشغيل وعمل شبكات الآبار ومياه الصرف الصحي على مدار الساعة أيضًا.
وتابع الدويك: أن عمال وفرق النظافة سيعملون على مدار الساعة في حالة الطوارئ والإغلاق الشامل، وهناك تواصل دائم بين البلدية ووزارتي الصحة والداخلية، حيث خصصنا أرقام طوارئ للتعامل مع أي حالة طارئة؛ بهدف تحديد الاحتياجات اللازمة حال الإغلاق الشامل، وكل هذه الإجراءات التي نسعى من خلالها أن نكون مستعدين للتعامل مع هذا السيناريو حال قررت الجهات المختصة تطبيقه على أرض الواقع للحد من تفشي "كورونا".
الأُسر المحجورة
يعيش فى مخيم البريج آلاف الأُسر الفقيرة والتى تفتقر لأدنى مقومات الحياة المعيشية، حيث بلغ الحد الأقصى للأُسر المحجورة فى المخيم منذ تفشي الفيروس ٢٢٢ أُسرة، بينما انخفض العدد الاجمالي إلى ١٧٧ ما زالت تخضع للحجر المنزلى حتى اعداد هذا التقرير.
حيث ناشد رئيس البلدية المواطنين بضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية وارتداء الكمامة وتطبيق قواعد السلامة أثناء الخروج من منازلهم، موضحًا"لدينا إمكانيات محدودة فى قطاع غزة والقطاع الصحي ليس بمقدوره استقبال أعداد كبيرة من مصابي"كورونا"، لذلك يجب على المواطنين تعزيز المسؤولية من خلال التزامهم بالقرارات الحكومية.
وأكد: أرقام طواريء البلدية تعمل على مدار الوقت للتعامل مع أي طارئ، ونحن البلدية الوحيدة تقريبًا التي تعمل على توزيع أكياس القمامة على الأسر المحجورة، وبعد يومين يتم جمعها واتلافها وفق بروتوكول وزارة الصحة، وهذا يتطلب منا تكاليف كبيرة.
ونوه الدويك إلى أن بلديته ناشدت وكالة "الأونروا" من أجل مساعدتها على تخطى هذه الأزمة من خلال جمع النفايات، ولكن الأخيرة لم تستجب لذلك قائلًا"نحن نقوم بعمل كل جهدنا من أجل الحفاظ على صحة المواطنين وأهالي المخيم وتقديم لهم الخدمة المميزة.
من جهتها أعلنت وزارة التنمية الاجتماعية بغزة فى تصريح لها صباح السبت 12/12، أنها استطاعت تغطية أغلب احتياجات الأُسر المحجورة والمحتاجة، من خلال توفير لهم مستلزماتهم الحياتية.
وأوضحت: بلغ عدد هذه الأُسر نحو 21 ألف عائلة بواقع 134,500 فرد، تم تقديم لهم الخدمات بمبلغ يقارب ال 5مليون و200 ألف شيكل؛ منذ دخول الفايروس للمجتمع في أواخر شهر 8 الماضي.
ولكن يبقي السؤال الذي يطرح نفسه، هل الاجراءات الحكومية المتبعة واستمرار الاغلاق وشل كافة مناحى الحياة المعيشية للمواطن فى ظل وضع إقتصادي مُنهارًا أصلًا ستقلل من أعداد الوفيات والمصابين "بالكورونا" فى القطاع، أم أنه مجرد اجراء احترازي فقط؟!.