بالعزيمة والإصرار والتحدي .. الإعلامي رائد حماد تفوق على مرض السرطان

راديو الشباب غزة - راديو الشباب - محمد اللوح
في الحياة يسعى جميع الناس للوصول إلى النجاح في مختلف مجالات حياتهم، سواء الشخصية أو الإجتماعية أو العلمية أم كانت العملية، وعلى الرغم من أن البعض ينظر إلى النجاح بأنه تحصيل حاصل في بعض الأحيان، إلا أنّه في الحقيقة يحتاج إلى الكثير من العزيمة والإصرار، ولا يمكن أبدًا أن يأتي بالصدفة أو أن يكون دون تخطيط ناجح لكل خطوة من خطوات الطريق إليه، لذلك يجب على الإنسان أن يسعى للنجاح بكلّ عزيمة وإصرار مرتكزًا بهذا على العلم والعمل والتحدي والإصرار.
فالعزيمة والإصرار هما طريق النجاح؛ ولهما معني كبير، فهي شعور داخلي يحفز الشخص على أن يحقق هدفه ويسعى إليه بكلّ قوته، وهي بمثابة الوقود المحرك للطموح، لتجاوز جميع العقبات للوصول للهدف"راديو الشباب" ومن خلال هذا التقرير سلّط الضوء على شخصية إعلامية صنعت الإبداع والتميز والإصرار رغم مرض السرطان.
نبذة مختصرة:
الإعلامي رائد حماد من محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، ولد فى أُسرة متواضعة، تنقل بين مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين"الأونروا" واصل طريقه نحو النجاح، ليلتحق بركب العمل الصحفي بين زملائه فى قطاع غزة، عمل بجانب مهنته ناشطًا مجتمعيًا في العمل التطوعي والإنساني، قدم عديد من المبادرات الشخصية.
واصل مسيرته بمواكبة وتغطية الفعاليات والأنشطة المحلية للمؤسسات والجمعيات طوعًا منه وبدون مقابل مادي، إيمانًا منه بالعمل الخيري، حتي أصبح إعلاميًا وناشطًا بارزًا على أرض الميدان جنوب القطاع، ليحظي باحترام ومحبة المواطنين.
اكتشاف المرض:
فى عام "2016" بدأت الآلام والأوجاع تنخرّ جسده، حيث أصبح يعاني من نخز متواصل أسفل الظهر من ناحية الكُلى، فاضطر للذهاب إلى المستشفى، علّه يجد ما يخفف وجعه ولم يكن يحصل إلا على محلول مسكن مع بعض الأدوية للتخفيف من الألم؛ ولكن مع مرور الوقت ازداد الوجع بشكل غير طبيعي، ولم يخطر في ذهنه أنها أعراض مرض السرطان.
الإعلامي رائد حماد فى مقابلة خاصة مع"راديو الشباب" يتحدث عن معاناته مع المرض اللعين قائلًا": بدأت أشعر بأن جسدي غير طبيعي، ومع تكرار الوجع وشعورى بالمغص الشديد، ذهبت إلى المستشفى، وقمت باجراء تحاليل دم حيث أظهرت بدايتها وجود دم في البول بشكل مرتفع، ليراودني الشك بأن هناك شيئًا ما وهي أعراض غير طبيعية، قمت بعدها باجراء صورة أشعة ليظهر بها كيس فوق الكُلى اليمنى ولكن من غير الواضح سبب وجوده؛ ما اضطر الأطباء بعدها لتحويلى إلى مستشفى غزة الأوروبي بخان يونس لعمل صورة "رنين مغناطيسي"، حينها كانت الصدمة واكتشفوا بأنه ورمُ سرطاني فى الكُلّية اليمني.
تابع حماد حديثه": بمساعدة الأقارب والأحبة تم تجميع مبلغ من المال؛ لإجراء عملية كبرى لاستئصال الورم في في الكلّية المصابة نظرًا لعدم تمكني من الحصول على تحويلة مرضية لاجرائها خارج أرض الوطن؛ بسبب ضيق الحال وظروف القطاع وإغلاق المعابر حيث أقرّ الأطباء بالعملية وتم استئصال الكلّية بالكامل، ورغم معرفتى واكتشافى لمرضى متأخرًا، وضعت خطة للتغلب عليه بالإبتعاد عن الأطعمة والمشروبات التي قد تضر بعمل الكلّية، وذلك من خلال الإكثار من شرب الماء والمشي يوميًا لمدة ساعة، وعدم الإرهاق وحمل أشياء ثقيلة، بعدها أدركت تمامًا بأنه لا مفر من الإستسلام للأمر الواقع وفوضت أمري إلى الله-وفق تعبيره-.
وأوضح خلال حديثه معنا": بعد اكتشاف المرض وإجراء عمليتي ما زلت أتابع فى قسم الأورام فى المشفي الأوروبي، وأقوم بعمل تحاليل دورية كل شهرين من أجل متابعة وظائف الكلّي وفحص الدم، ولكننى ممنوع من تناول عديد الأطعمة والمشروبات التى ترهق عمل الكلية،مشيرًا" رغم المرض اللّعين إلا أن جرعات الكيماوي لم تدخل فى جسدي".
عمل متواصل:
تغلب حماد على المرض اللعين بنشر كل ما يخص مرضى السرطان من توصيات أو توجيهات عبر صفحته الشخصية "بفيسبوك"، إضافة لمساعدة الناس والجمعيات والمؤسسات بتغطية فعالياتهم تطوعًا منه بدون مقابل مادي، مما أعطاه إحترام وتقدير فى الوسط الإعلامي رغم أوجاعه، حيث قام بتسليط الضوء على معاناة المرضى ونشر أخبارهم ومناشداتهم عبر صفحته، إلى جانب مشاركته في الفعاليات والأنشطة الخاصة بمرضى السرطان وذوي الاعاقة.
وأكد حماد فى معرض حديثه": رغم مرضي إلا وأنني منذ إنطلاق فعاليات مسيرة العودة الكبري وكسر الحصار على الحدود الشرقية لقطاع غزة فى 30 مارس/آذار 2018، لم أُفارق المنطقة الحدودية لخان يونس أو خيام العودة على طول السلك الفاصل شرق القطاع، بالرغم من خطورة ذلك على وضعي الصحي، عزمت لإستكمال مشواري الإعلامي حتي النهاية من أجل فضح جرائم الاحتلال بحق أبناء شعبنا.
تكريمات مستمرة:
رغم المرض وإصراره على البقاء فى أرض الميدان بين زملاءه، تم تكريمه فى اليوم العالمي للصحفيين عام 2019 من قبل وزارة الإعلام بغزة، ضمن الصحفيين والمصورين العاملين في الميدان، وتكريمه فى حفل المتطوعين فى نفس العام، إضافة لتكريمه من جامعة فلسطين بدرع شرف تحت عنوان" قصة نجاح وناجٍ من مرض السرطان".
ونوه حماد إلى أنه تم منحي عضوية ولقب "سفير الأمل والسلام العالمي" من المنظمة العالمية للسلام والأمل من أجل الإنسان والأوطان ومقرها دولة المغرب، حيث أطلقوا عليه لقب" الصحفي الإجتماعي"، لحرصه الشديد على زيارة زملائه ومشاركتهم حياتهم الإجتماعية وتغطية أنشطتهم.
مطالب مشروعة:
فى ختام حديثه معنا": تمنى حماد من المسؤولين من توفير له تحويلة مرضية، لاستكمال علاجه خارج أرض الوطن وعمل صورة"مسح ذري للكلى" للاطمئنان أكثر على وضعه الصحي ولسان حاله يقول"من فضلكم ادعموني فأنا بحاجة لمن يقف معى، لا لمن ينظر لى بعين الشفقة".
مطالبًا بضرورة بناء مستشفي خاص للأورام فى غزة، مُجهز بكافة المعدات الطبية من أجل الكشف المُبكر عن المرض اللعين، مناشدًا فى ذات الوقت كافة المسؤولين بضرورة توفير الأدوية اللازمة لهم وتوفير كل ما يلزم مرضي السرطان بقطاع غزة، فى ظل إفتقار المشافي لأجهزة "المسح الذري" والعلاج الخاص بهم، كما وجه رسالته لكافة مُحبي الشعب الفلسطيني بتوفير التمويل من أجل دعم بناء مشفي متقدم لمرضي السرطان فى القطاع؛ بهدف التخفيف من معاناتهم المتواصلة بسبب سوء تردي الوضع الإقتصادي والمعيشي لسكان غزة وعدم قدرتهم على تكاليف السفر لاستكمال العلاج خارج الوطن، آملا أن تتكلل مطالبه بالاستجابة وإيجاد أذان صاغية لبناء المشفي وعلاجه فى ذات الوقت.
ولكن يبقي السؤال الذي يطرح نفسه قائلًا": رغم كل أشكال الدعم والمال الذي يتدفق لداخل القطاع، لماذا يتم تجاهل مطالب هؤلاء المرضي لبناء مشفي خاص لهم للتخفيف من معاناتهم فى ظل خطورة حالتهم الصحية وحياتهم المهددة بالموت فى كل لحظة؟