ياسر عرفات
ياسر عرفات
نشر بتاريخ: 2020/11/10 ( آخر تحديث: 2020/11/10 الساعة: 12:15 )

راديو الشباب خاص - عبد الله شاهين - راديو الشباب

يصادف غداً الأربعاء، الذكرى الـ16 لاستشهاد الرئيس المؤسس وأيقونة النضال الفلسطيني المعاصر ياسر عرفات ورغم الغياب ظل ياسر عرفات حاضرا في قلب ووجدان كل الفلسطينيين على اختلاف توجهاتهم الفكرية.

ورغم حالة التشرذم العربي استطاع أن يؤسس الثورة الفلسطينية المعاصرة، وأن يرسم ملامح القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وأن يجعل القضية الفلسطينية حاضرة في كافة المحافل الدولية والإقليمية، ورسم بخيوط كوفيته معالم خارطة فلسطين، بل وأصبحت القضية الفلسطينية تُعرف من خلال كوفيته التي تحولت إلى أيقونة للمقاومة الفلسطينية. وقد حظي أبو عمار بإعجاب أعداءه قبل أنصاره، فوصفه أحد وزراء الاحتلال في سبعينيات القرن الماضي بأنه الأسد الذي تتجمع حوله الأسود.

واعتلى الياسر منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة عام1974 وشرح من عليه للعالم تفاصيل القضية الفلسطينية، وقال في خطابه: "لن نسمح للإسرائيليين الاستمرار في تخريب بيوتنا، وأن يرتعوا في حقولنا، وأن يقطفوا ثمار أشجارنا، ويعيثوا فسادًا ودمارًا في بلادنا". كان نهج أبو عمار مبني على الشراكة الوطنية وقبول الآخر ووحدة الميدان والدم والمصير، وأدرك قيمة الكفاح المسلح فبدأ بالتفجير في ال65، وتسلّل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأرسى القواعد الأولى لخلايا العمل المسلح في نابلس وجنين والخليل الأراضي الفلسطينية المحتلة في ال67 كافة ، وواجه جيش الاحتلال في الكرامة في ال68 يوم أن مرّغ أنف جنود الاحتلال في الوحل، وحطّم مقولة الجيش الذي لا يُقهر.

وخاض معارك التحرير من بيروت وحوّل مخيمات اللجوء في لبنان إلى قواعد انطلاق للعمل الفدائي نحو فلسطين، وصد اجتياح الليطاني في ال78، ولقّن العدو درسًا قاسيًا في حرب المدفعية في ال81، وقاد الثورة نحو قتال الرجال وصمود الأبطال في أطول معركة خاضها العرب مع الاحتلال ليسطّر ملحمة صمود الثمانية وثمانين يوماً في بيروت العاصمة الثانية لفلسطين.

وأسس عرفات السلطة الفلسطينية وأحتضن الشعب الفلسطيني، وعندما اعترض الاتحاد الأوربي على مضاعفة أعداد الموظفين خلافاً لما ورد في تفاهمات أوسلو، قال أبو عمار قسموا راتب الجندي ليكفي أُسرتين فلسطينيتين. وتغّنى بالمخيمات واصفًا إياها بالجبال التي لا تهزها الريح، وعظّم الشهداء، وقبّل أقدام الجرحى، وانحاز إلى قضية الأسرى.

أرسى قواعد الشراكة الوطنية، ومارس نهج الديمقراطية من خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية الحرّة، ولم يمنعه الكرسي من أن يكون أسدًا هصورًا في ميدان المواجه يوم أن حاولت سلطات الاحتلال فتح أنفاق للوصول لهيكلها المزعوم في يناير 1996. وأعلن الانتفاضة المسلحة يوم أن دنّس شارون الأقصى، ودافع عن كنيسة المهد، وصمد في كامب ديفيد عام 2000 إلى أن تمت محاصرته وتسميمه في مقره بالمقاطعة، ولن يثنيه الُسم عن التفكير في تأمين رواتب الموظفين أو السؤال عن أهل مخيمات لبنان إلى أن صعدت روحه إلى بارئها في الحادي عشر من نوفمبر 2004.

تبدّلت الأحوال بعد رحيل الرمز، وعاشت القضية الفلسطينية أشد لحظاتها ضعفاً، واستبيحت حرمة الدم الفلسطيني، حل الانقسام الوطني، غاب السلم الأهلي والمجتمعي، وانعدم الأمان الوظيفي الذي ما كان يسمح ياسر المساس به ، غاب القانون والدستور، وأصبحت حرية الرأي والتعبير جُنحة تؤدي بصاحبها إلى السجن، وأصبح الولاء بالمساومة والابتزاز هي الثقافة السائدة.

واستغل الاحتلال غياب الزعيم ياسر عرفات وغياب الرؤية السياسية والقرار الواحد، فنهب الأرض، ودنس المقدسات، وعزز الاستيطان والضم، وفرض القوانين العنصرية ، وابتعدت فلسطين عن حاضنتها العربية، وأصبحت قضيتنا تَلقَى رواجاً في أسواق الاستثمار، والبزنس السياسي الإقليمي.

بعد أبو عمار تفّرق شملنا، وذهبت رِيحنا، وضاعت القضية بعد أن اهتزت مكانة حركة فتح، واليوم بعد ١٦ عام على الرحيل، يظل أبو عمار، حاضرا في وجدان أبناء شعبه، حاضرا بظله الكبير، وحضوره الطاغي، ومشروعه الوطني الذي أراده طريقا لأحلام الفلسطينيين في التحرر والاستقلال والدولة وعاصمتها القدس الشريف ليظل حاضراً رغم الفقد الكبير ورغم والغياب أيقونة نضال لا تأفل.

الكلمات الدلالية