نظام أردوغان يتودد لمصر والسعودية.. دحلان: انعطاف إيجابي ومؤشر لسياسة واقعية

راديو الشباب خاص - سوار أبو قمر - راديو الشباب
أثارت تصريحات وزير الخارجية التركي، "مولود جاويش أوغلو"، حول ضرورة تحسين علاقات بلاده مع مصر والسعودية بشكل يحفظ الأمن والسلام الإقليميين موجة تساؤلات حول ما إذا كانت هذه التصريحات خطوة في مسار تحسين العلاقات المتوترة أم مناورة سياسية.
وكان وزير الخارجية التركية صرّح الأسبوع الماضي في مقابلة مع صحيفة "أكشام": "إنه ليس لبلدنا مشكلة مع الدولة المصرية والشعب المصري الذي تربطنا به علاقات تاريخية عميقة الجذور".
وأضاف: "يجب تحسين علاقات تركيا مع مصر والمملكة العربية السعودية"، موضحًا أن السعودية حاولت دائما أن تحتفظ بقنوات الحوار مفتوحة، كما أكد أنه لا توجد مشكلة مع الشعب المصري والدولة المصرية، قائلاً: "نتوقع أن تكون علاقاتنا مع هذه الدول والدول الأخرى غير مقتصرة على المصالح الثنائية الضيقة، ولكن أن تكون في إطار يحفظ السلام الإقليمي والأمن والاستقرار في المنطقة".
انعطافة جوهرية في موقف أنقرة
وفي تصريحٍ له عبر صفحته على "فيسبوك"، اعتبر القائد الفلسطيني محمد دحلان أن تصريحات أوغلو مؤشر واعد وبالغ الأهمية في سياسة تركيا تجاه المنطقة.
وقال دحلان: "إن الانعطاف الكبير في موقف أنقرة الذي عبر عنه وزير خارجيتها، مؤشر واعد وبالغ الأهمية على العودة إلى السياسة الواقعية في المنطقة، وهو مقدمة نحو التخلي عن كل طروحات الاستقواء بالمتغير الدولي أو لعبة الاستقواء على دول الإقليم".
وكانت علاقة القيادي الفلسطيني، قد شهدت توترا كبيرا، خاصة بعد الهجوم الذي تعرض له من قبل نظام أردوغان الحاكم في أنقرة، بسبب دفاعه عن الوحدة العربية وعن القضية الفلسطينية، حيث يعتبر دحلان أن النظام التركي يستهدف إضعاف العرب لصالح أحلام وأطماع عثمانية قديمة جديدة في منطقة الشرق الأوسط، والمنطقة العربية خصوصا.
تقارب مع الجانب المصري
ومنذ فترة تسود حالة من التوتر بين مصر وتركيا، حيث تتباين مواقف كل منهما إزاء عدد من القضايا الإقليمية، مثل الأزمة في ليبيا ومكافحة "الإرهاب" والتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط.
وفي تصريحات صحفية قبل أسابيع عن أزمة بلده مع اليونان بشأن التنقيب في شرق البحر المتوسط، قال الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان: "إجراء محادثات استخبارية مع مصر أمر مختلف وممكن وليس هناك ما يمنع ذلك، لكن اتفاقها مع اليونان أحزننا".
وبعد تصريح أردوغان، سعى مراقبون إلى تحليل حديث الرئيس التركي وسط تساؤلات عن إمكانية حدوث تقارب مع الجانب المصري. لكن وزارة الخارجية المصرية أبدت تحفظًا على "المبادرة" التركية، وقالت في بيان إن "نهج" تركيا يفتقر إلى "المصداقية".
مبادرة السعودية
ومن جانب آخر، أثار إيعاز العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، إرسال مساعدات لمنكوبي زلزال إزمير في تركيا تساؤلات حول دلالات تلك المبادرة.
وكانت وكالة الأنباء السعودية أعلنت الجمعة الماضية، أن العاهل السعودي أوعز بإرسال المساعدات الطبية والإنسانية والإيوائية العاجلة للمتضررين في تركيا جراء الزلزال الذي ضرب بحر إيجه مؤخرا مخلفًا أضرارا مادية بالغة بولاية أزمير التركية.
وذكرت الوكالة أن هذه الخطوة تأتي "انطلاقًا من حرصه على الوقوف إلى جانب الشعب التركي الشقيق والتخفيف من آثار الزلزال الذي تسبب في خسائر فادحة بالأرواح والممتلكات، وامتدادا للدور الإنساني للمملكة بالوقوف مع المتضررين، في مختلف الأزمات والمحن".
تساؤلات عدة بشأن انعكاسات الخطوة وما إن كانت تمثل أي محطات تقارب بين البلدين، خاصة بعد حملة المقاطعة السعودية للمنتجات التركية.
ويرى محللون أن "المملكة ستظل على مواقفها من السياسة التركية ولن يتغير شيء إذا ما استمرت تركيا في تدخلاتها بالمنطقة"، معتبرين أن المبادرة السعودية تندرج ضمن العلاقات الدبلوماسية والواجب الإنساني بين الدول وخصوصا أثناء الكوارث، والتي تأي ضمن البروتوكول الدبلوماسي .
ويعزي المحللون أن الخلاف الجذري بين البلدين لسببين؛ الأول هو اتهامات أنقرة للسعودية وتحديدا لولي العهد محمد بن سلمان في قضية جمال خاشقجي، ومحاولات تركيا في استغلال القضية وتحريكها متى أرادت أن تهز الجانب السعودي.
أما المسألة الثانية والتي لا تروق للسعودية، حسب المحللين، فهي أن "تركيا تحاول أن تتزعم العالم الإسلامي من خلال تنظيم الإخوان المسلمين العالمي، وهي تعرف أن سياسة أردوغان تتمثل في أن يدخل إلى كل البلدان الإسلامية عبر ذلك التنظيم".
لكن التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية التركية رآها البعض انعطافة جوهرية في السياسة التركية نحو الشرق الأوسط بوجه عام والوطن العربي بشكل خاص، وتحمل دلالات عدة في إمكانية أن تشهد المنطقة تغيرًا جذريًا في طبيعة العلاقات التركية العربية.